طوبى لضحايا النقاء في العالمين..
في هذه الحياة نتعرف كل يوم على شيء لم نكن نظن أننا سنعرفه أو حتى أنه علينا معرفته لأنه مما يجعلنا نتقهقر وننقم عليها هي وأناسهامعا ونتراجع عن كثير من المسلكيات الحميدة مكرهين ومجبرين ظانين أننا بسببها وبسببها فقط نتألم، والحق أننا لن يؤلمنا شيء أكثر منالتخلي عنها ولن يقصم ظهر إنسانيتنا التي لا معنى لنا ولا قيمة بدونها غير التنكر لها والإدبار عنها وإن كنا نظن أحيانا أننا بهذا نحصنأنفسنا أو نؤمنها غدر الزمن فنحن على خطإ لأننا انتهجنا الأنانية في لحظة توجس ومن ينتهج الأنانية يطعن شر طعنة ويخيب مهما توهمعكس ذلك.
بالأمس الموافق قطعا لحظة معصية إبليس ورفضه السجود لآدم كبرا وحسدا، ولتاريخ سقط من "رزنامة" الآدمية إلى حضيض الحيونةوالوحشية موافقا ساعة تبلور فكرة أننا يعود أصلنا للقرود في ذهن "داروين" والتي ربما استنتجها ذات مواجهة مع ذلك الشيطان الماردالقابع في النفس المتجسد في حيوان مفترس يظهر في أوقات تنكرنا للقيم السمحة ودعسنا على الفطرة السوية التي فطرنا الله عليهاوانقيادنا لوساوس إبليس وإملاءاته بحيث نعيد سيناريو "قابيل وهابيل" ونثبت أن لكل زمن قابيله وهابيله وإن اختلفت المسببات والبيئاتوالأسماء، ففي الأمس الكئيب والمخيف حد الارتعاد والارتجاف انتشر خبر سمعت شيطاني القرين يرقص له فرحا بعد أن هاتفه والده ودعاهلحفلة مقامة في إحدى مناطق مصر في فندق على شاطئ الدم شيد على الحقارة والعفن وفي قاعة زينت بالغل والخساسة تلك الحفلة التيأحياها القاتل بطعناته والتي رقص على أنغامها كل شياطين الأرض والسماء وشربوا نخب صعود روح الضحية للعالم العلوي على يدزميلتهم في الشيطنة وشريكتهم في الإغواء وغدر بني البشر، بعد أن لبست ثوب الصديقة الأقرب والأوفى والأصدق للضحية وبعد أن طغىبريقها على خبثها وعفويتها على نجاستها ونقائها على زيفها وتفوقها على فشلها بهتت وقررت التخلص منها مستعينة بزميل لها فيالإعراض والغل حفيد إبليس الأصغر المكلف بإعانة السفاحين في تلك المنطقة على سفكهم للدماء وزهقهم للطهر، وكان أن أنهيا بذلك حياةزهرة لم يكن ذنبها سوى عبقها الذي فاح فأذن مؤذن في السماء "أن لعنة الله على الظالمين" وفي الأرض "أن اخشوا أحبتكم وأصدقاءكمفإننا في زمن الصديق فيه يقتل صديقه"!
حين قرأت الخبر مات فيّ الكثير وكفن مع المغدورة بعض من تنظيراتي عن الطيبين وكمية الطيب والصفاء في العالم، وحين تابعت ردات الفعلعلى القضية تخيل لي أننا في زمن من أكثر الأزمنة خبثا وشنئانا ومن أخصبها دناءة وتدنيا فما بين مستنكر يطلق الآلاف من سهامالاتهامات المغموسة في السوداوية على بني البشر دون قيد أو تفريق كأديب برع في أدب "الديستوبيا" حتى جعله الواقع والواقع هو، أوآخر يظهر من عباراته أنه سيركل برجل الهجر كل حبيب ويوزع لكمات الترك على كل أصدقائه وسيتخلى تماما عن الجميع لأجله، مغتالاأحاسيسه وعواطفه اتجاههم مغرقا في يم الظنون السيئة المتلاطم موجها عبثية كل ما يمت لهم بصلة وكل هذا خوفا من لعله ذات يوم يكونضحيتهم!
يا أيها القوم إنه لمن المرفوض حقا مهما حدث أن نجمع علينا الحسرات ونضاعف الأزمات ونجتر الآلام والعثرات والتي قد لا يكون لها منوجود إلا في أذهاننا المشتتة بسبب هذه الجريمة _وحق لها ذلك_ والتي إذا انجلت عنا سحابة الصدمة وغيمة الحزن ونظرنا لها من زاوية"لإن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين" نرتاح كثيرا راحة تجعلنا متقبلين تماما لطعناتالأحبة إذا قدر لها أن تكون ونعرف أنه رغم فداحة الأمر ليس سيئ أن يطلق على المبغي عليه "شهيد ثقة" أو "ضحية حب خادع" فهذاسيضاعف أجره ويخلد ذكره في العالمين كما خلد ذكر من لم يبسط يده إلى أخيه بالقتل في الوقت الذي خذله وانقض على كل الروابط وتنكرلها بسبب "الحسد" فكان مصير الأول الخلود والثاني التحسر والندامة..
لذا اعلموا أن الظلم مهما افتدح وتعاظم يبقى الذي عانى منه وذاق مره أقوى وأعظم ممن تسببه.
رحم الله الشابة وغفر لها، أما الجناة فيكفي تحقق دعوى الملائكة فيهما وتلعين الجمادات قبل الناس عليهما، وطوبى لضحايا النقاء فيالعالمين.
حقيقي مقال جميل جدا و اكثر من مؤثر
ردحذفكلماتك لمست قلبي 🥺❤️